النساء في مصر بطالة اضطرارية.. النساء في بيئات عمل معادية
التصحيح
من
🔴 قبل نحو 10 أعوام، حصلت نورا على شهادة متوسطة من إحدى الدبلومات الفنية، إلا إنها فشلت في الالتحاق بفرصة عمل طوال سنوات ثلاث من البحث المضني، لأسباب متنوعة أبرزها عدم توفر فرصة مناسبة، وأخرى بسبب الأجر المتدني.
◾ ثم بعد مرور السنوات الثلاث وجدت نورا شريك حياتها، وتزوجت وتلاقت ظروفها مع رغبة زوجها في عدم العمل والتفرغ للأعمال المنزلية ورعاية أطفالها لاحقًا؛ لكن عادت لسوق العمل مضطرة بعد وفاة زوجها. في البداية كعاملة بإحدى المصانع مقابل أجر شهري أقل من الحد الأدنى للأجور الذي أقرته الحكومة للعاملين بالقطاع الخاص وهو 6 آلاف جنيه.
◾ ارتضت نورا بالأجر القليل علّه يكفي بعضًا من احتياجات أطفالها الثلاث الصغار، ثم وفي أحد الأيام عرض عليها مدير المصنع عملاً إضافيًا وساعات عمل أقل، فرحتّ نورا؛ لكنها فرحتهّا تحولت لصدمة بعدما أخبرها مديرها أن العمل الإضافي هو عقد زواج عرفي يجمعهما سويًا.
◾ استقالت نورا على الفور، ثم ذهبت للعمل بمصنع آخر؛ إلا إنها لم تسلّم أيضًا من رئيس ورديتها الذي تحرش بها.. هنا قررت نورا ألا تعود للعمل مرة أخرى.
◾ أما إيمان التي حصلت على مؤهل جامعي في التربية قبل 6 أعوام، فلم يكن حالها أفضل من نورا، إذ ظلت إيمان تبحث طوال تلك السنوات عن عمل في المدارس الخاصة ودور الحضانة، لكن الرد كان واحدًا وهو "سنتصل بك لاحقًا حين تتاح فرصة"؛ لكن ذلك لم يأت إلا نادرًا.
◾ فيما كانت العروض القليلة التي تلقتّها إيمان خلال سنواتها الفائتة لا تسمن ولا تغني من جوع، إذ لم يتزحزح أجرها عن 1200 جنيهًا فقط تحت دعوى أنها ستقوم بإعطاء دروس للتلاميذ تعوض من خلالها الأجر المتدني، ليكن مصيرها كنورا تعطّل اضطراري، واكتئاب وغضب بين جدران منزلها.
◾ نورا وإيمان من ملايين النساء اللاتّي اضطرتهن الظروف للخروج من سوق العمل لينضممن لصفوف البطالة الاضطرارية للنساء؛ في الوقت نفسه لا تعدّهن الأرقام الرسمية للدولة من بين المتعطلّين عن العمل ما دمن لا يواصلن البحث عن عمل.
◾ إذ على الرغم من انخفاض معدلات البطالة إلى نحو 6.5% من قوة العمل خلال الربع الثاني من عام 2024، والذي تفخر به الحكومة المصرية؛ لكن هناك الملايين لا يجدن عملاً وتنتشر بينهم البطالة وخاصة من النساء.
◾ لكن الحكومة لا توضح سبب انخفاض معدلات البطالة، رغم خروج قطاع ضخم من النساء من سوق العمل وتوقفهن عن العمل أو البحث عنه في ظل نقص فرص العمل وبيئات العمل المعادية للنساء، ورغم ذلك تبقى معدلات البطالة الرسمية بين الإناث أكثر من أربعة أضعافها بين الذكور.
🔴 عوائق متعددة تدفع النساء خارج قوة العمل
◾ قالت استشارية في التمكين الاقتصادي والاجتماعي لصحيح مصر، إن شعور قطاع من النساء بالإحباط نتيجة للمحاولات المتعددة للحصول على وظيفة رغم حصولهن على التأهيل اللازم دون أن ينجحن في الحصول على عمل يضطرهن للتوقف عن البحث، وهي واحدة من أهم أسباب خروج النساء من قوة العمل.
◾ وأضافت أن التعرض للمضايقات أو العنف أو التمييز أو التنمر أو التحرش مجموعة من المشكلات التي تواجهها النساء في سوق العمل، والتي تجبر قطاع كبير من النساء على الخروج من سوق العمل خاصة في ظل قصور آليات المحاسبة.
◾ يظهر انسحاب النساء من سوق العمل في تواجدهن الضعيف داخل قوة العمل والتي تعبر عن الأشخاص القادرين على العمل ويعملون أو يبحثون عن العمل، لتضم المشتغلون والمتعطلون.
◾ من بين كل عشر أشخاص في قوة العمل في مصر، اثنتين فقط من الإناث، مقابل ثمان ذكور، بينما يبلغ المعدل العالمي لمشاركة النساء في قوة العمل 40.1%، بحسب بيانات البنك الدولي.
◾ الثقافة المجتمعية التي ترفض عمل النساء من بين معوقات مساهمة النساء في سوق العمل أيضا، فمروة التي حصلت على مؤهل متوسط قبل أربع سنوات، ترفض أسرتها السماح لها بالبحث عن عمل، ومثلها يرفض زوج أسماء، أن تعمل بدعوى الاهتمام برعاية الأسرة، وعدم وجود فرص بظروف وأجور مناسبة.
◾ وترى استشارية التمكين الاقتصادي، أن كثير من العوائق تواجه النساء وتدفعهن بعيدا عن سوق العمل، ومنها تدني الأجور، والذي يجبر كثيرات على التوقف عن العمل لعدم وجود عائد مناسب بعد استبعاد مصروفات انتقالها ونفقاتها الشخصية، وخاصة حال دفع جزء من الراتب لتوفير حضانة لأطفالها.
◾ يظهر التعطل الاضطراري للنساء أيضا في انخفاض معدل المساهمة في النشاط الاقتصادي، والذي يبلغ في مصر نحو 43.4% من جملة السكان فوق 15 سنة، بينما يبلغ المعدل العالمي 60.1%.
◾ وتقدر مساهمة الذكور في النشاط الاقتصادي بـ 69.7%، بينما تقدر مساهمة النساء بتمثيل ضئيل يصل إلى 15.9% فقط، فيما يصل المعدل العالمي لمساهمة النساء في النشاط الاقتصادي إلى 49%.
◾ إلى ذلك، تؤكد استشارية التمكين الاقتصادي والاجتماعي، أن معدلات البطالة الرسمية لا تعبر عن الواقع وأن طريقة احتسابها تحتاج لمراجعة لأنها لا تقيس بشكل حقيقي وموضوعي معدلات البطالة أو التشغيل، وأن معدلات البطالة الحقيقية أعلى كثيرًا من الرقم المعلن.
🔴 رفض توظيف النساء يدفعهن للتعطل
◾ كانت نهى، تعمل بواحدة من شركات القطاع الخاص، التي قررت منحها شهرًا واحدًا إجازة بعد الولادة، وحينما تم رفض طلبها الحصول على إجازة الوضع التي يحددها القانون بثلاثة أشهر، اضطرت لترك العمل.
◾ لم تتخذ نهى، أي إجراء فهي تعمل كما كثيرين دون عقود تثبت علاقة العمل، وحينما عادت للبحث عن عمل بعد عام ونصف من عمر صغيرها وجدت عوائق أخرى جديدة فكثير من أصحاب الأعمال يرفضون توظيفها لأنها متزوجة وأم.
◾ "ابني تعبان.. لا أنا حامل تاني.. لا ما أتأخرش بعد مواعيد الشغل".. كان ذلك ما قاله مسؤول التوظيف بإحدى الشركات ساخرًا بعدما سأل عن وضع نهى العائلي، وهو ما لا تنساه أبدا، وتتمنى بعده لو سمحت ظروفها بالتوقف عن البحث عن عمل.
◾ كما أوضحت استشارية التمكين الاقتصادي، أن العوائق الناتجة عن عدم استجابة بيئة العمل لاحتياجات النساء، مثل حرمانها من إجازات كالوضع ورعاية الطفل، والتي يتهرب منها القطاع الخاص بشكل أكبر، تضطر كثيرات من النساء للخروج من قوة العمل، مؤكدة أن بعض جهات العمل ترفض توظيف النساء للتهرب من الالتزامات المرتبطة بتوظيفهن.
◾ نهى، واحدة ممن تعدّهم الأرقام الرسمية كمتعطلين، وتقدرهم بـ6.5% من قوة العمل، وهم من تعرفهم بمن يقدرون على أداء النشاط الاقتصادي ويرغبون فيه ويبحثون عنه ولكنهم لا يجدونه.
◾ وبينما لا يستطيع 4 من كل 100 ذكر في قوة العمل الحصول على فرصة عمل، فإن غياب فرص النساء يمثل أكثر من أربعة أضعاف الذكور، حيث لا تستطيع 17 من كل 100 امرأة مستعدات للعمل ويبحثن عنه الحصول على عمل.
🔴 عمل لـ 16 ساعة.. دون أجر
◾ فوزية، هي سيدة ريفية تقوم بحصد التفاح من بستان عائلتها بإحدى قرى محافظة الغربية، وتحمله للسوق لبيعه، كما تقوم برعاية بضع رؤوس من الجاموس تطعمها وتنظفها وتحلبها لتصنع الجبن والزبد وتبيعه مع الطيور وبيوضها التي تربيها أيضا.
◾ فوزية من ضمن قوة العمل وممن يصنفون كمشتغلين، وهم من يساهمون فعلا بمجهوداتهم الجسمانية أو العقلية في أي نشاط اقتصادي يتصل بإنتاج السلع والخدمات، ويمثلون 93.5% من إجمالي قوة العمل التي تضمهم والمتعطلون.
◾ رغم جهد فوزية، وساعات عملها التي قد تصل 16 ساعة يوميا، فإنها ضمن 16 من كل مئة امرأة داخل قوة العمل يعملن لصالح الأسرة دون أجر، مقابل 2 فقط من كل مائة ذكر يعملون لصالح الأسرة دون أجر.
◾ تعاني النسبة القليلة من النساء اللاتي تلتحقن بقوة العمل ضمن المشتغلين من مشكلات عدة، والتي قد تدفع أخريات للهروب من سوق العمل، أو يخرجن هن أنفسهن إن تمكن.
◾ فبينما يحصل 71.3% من الذكور على أجر نظير عملهم، تحصل 56.9% فقط من النساء داخل قوة العمل على أجر، بحسب بيانات بحث القوى العاملة عن الربع الثاني من العام 2024.
❓ هل من حل؟
ترى استشارية التمكين الاقتصادي والاجتماعي، أن الحل لمشكلات سوق العمل الطاردة للنساء ورفض بعض الشركات توظيف النساء، تبدأ عبر حوار مجتمعي مع أصحاب الشركات تقوم به الحكومة للتأكيد على دورهم المجتمعي، وتوفير حوافز للشركات التي توفر بيئة عمل مستجيبة لاحتياجات النساء، وكذلك مراجعة الشركات التي تستبعد النساء.
◾ مشيرة لأهمية وجود آلية للتعامل مع التمييز ضد النساء واستبعادهن من العمل، كإنشاء مفوضية مكافحة أشكال التمييز، أو أن تقوم وزارة العمل، بهذا الدور بالاستقبال والتحقيق في الشكاوى الخاصة بحرمان النساء من العمل.
◾ فضلا عن ضرورة قيام مكاتب العمل بدورها في التفتيش على أماكن العمل، والتأكد من حصول النساء على حقوقهن القانونية مثل تنفيذ إجازات الوضع ورعاية الطفل، كالرجوع لذات وظيفتها وعدم جواز فصلها أثناء إجازة الرعاية ما دامت ملتزمة بشروطها.
◾ كما أكدت على أهمية توفير وزيادة أعداد دور الحضانة، وهو دور يمكن أن تقوم به وزارة التضامن الاجتماعى، وأن تراعي الاستجابة لظروف العمل فلا تجد السيدة أن حضانة طفلها تنتهي عند الثانية بينما عملها ينتهي عند الرابعة أو بعدها.
🔴 مصر على مؤشر المرأة والعمل.. أقل من المتوسط
◾ كان البنك الدولي قد أصدر، تقريرا بعنوان المرأة والأعمال والقانون 2024، للكشف عن معوقات النساء في سوق العمل، ويقيس المؤشر العام أوضاع النساء في 190 دولة، عبر ثمانية مؤشرات حول المساواة في التنقل، قوانين العمل، الأجور، الزواج، الوضع، ريادة الأعمال، الملكية، المعاش التقاعدي.
◾ حصلت مصر على 50.6 نقطة من مئة، وهو أقل من المتوسط الإقليمي في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا والذي يقدر بـ 54.7 نقطة، بينما حققت مالطا أعلى معدل في الإقليم بـ 91.3 نقطة.
◾ وحصلت مصر على الدرجات المئة كاملة فيما يتعلق بالقيود المفروضة على النساء في تأسيس وإدارة الأعمال التجارية، والقوانين التي تؤثر على قيمة معاش المرأة.
◾ بينما حققت نتائج متراجعة في باقي المؤشرات، فحصلت فيما يتعلق بالقيود المفروضة على حرية التنقل على 50 نقطة، والقوانين التي تؤثر على قرارات المرأة في العمل 75 نقطة، والقوانين التي تؤثر على أجر المرأة صفر، والقيود المتعلقة بالزواج 20 نقطة، والقوانين التي تؤثر على عمل المرأة بعد إنجاب الأطفال 20 نقطة، والاختلافات بين الجنسين في حقوق الملكية 40 نقطة، وجميعها من أصل مئة نقطة.
◾ ثم بعد مرور السنوات الثلاث وجدت نورا شريك حياتها، وتزوجت وتلاقت ظروفها مع رغبة زوجها في عدم العمل والتفرغ للأعمال المنزلية ورعاية أطفالها لاحقًا؛ لكن عادت لسوق العمل مضطرة بعد وفاة زوجها. في البداية كعاملة بإحدى المصانع مقابل أجر شهري أقل من الحد الأدنى للأجور الذي أقرته الحكومة للعاملين بالقطاع الخاص وهو 6 آلاف جنيه.
◾ ارتضت نورا بالأجر القليل علّه يكفي بعضًا من احتياجات أطفالها الثلاث الصغار، ثم وفي أحد الأيام عرض عليها مدير المصنع عملاً إضافيًا وساعات عمل أقل، فرحتّ نورا؛ لكنها فرحتهّا تحولت لصدمة بعدما أخبرها مديرها أن العمل الإضافي هو عقد زواج عرفي يجمعهما سويًا.
◾ استقالت نورا على الفور، ثم ذهبت للعمل بمصنع آخر؛ إلا إنها لم تسلّم أيضًا من رئيس ورديتها الذي تحرش بها.. هنا قررت نورا ألا تعود للعمل مرة أخرى.
◾ أما إيمان التي حصلت على مؤهل جامعي في التربية قبل 6 أعوام، فلم يكن حالها أفضل من نورا، إذ ظلت إيمان تبحث طوال تلك السنوات عن عمل في المدارس الخاصة ودور الحضانة، لكن الرد كان واحدًا وهو "سنتصل بك لاحقًا حين تتاح فرصة"؛ لكن ذلك لم يأت إلا نادرًا.
◾ فيما كانت العروض القليلة التي تلقتّها إيمان خلال سنواتها الفائتة لا تسمن ولا تغني من جوع، إذ لم يتزحزح أجرها عن 1200 جنيهًا فقط تحت دعوى أنها ستقوم بإعطاء دروس للتلاميذ تعوض من خلالها الأجر المتدني، ليكن مصيرها كنورا تعطّل اضطراري، واكتئاب وغضب بين جدران منزلها.
◾ نورا وإيمان من ملايين النساء اللاتّي اضطرتهن الظروف للخروج من سوق العمل لينضممن لصفوف البطالة الاضطرارية للنساء؛ في الوقت نفسه لا تعدّهن الأرقام الرسمية للدولة من بين المتعطلّين عن العمل ما دمن لا يواصلن البحث عن عمل.
◾ إذ على الرغم من انخفاض معدلات البطالة إلى نحو 6.5% من قوة العمل خلال الربع الثاني من عام 2024، والذي تفخر به الحكومة المصرية؛ لكن هناك الملايين لا يجدن عملاً وتنتشر بينهم البطالة وخاصة من النساء.
◾ لكن الحكومة لا توضح سبب انخفاض معدلات البطالة، رغم خروج قطاع ضخم من النساء من سوق العمل وتوقفهن عن العمل أو البحث عنه في ظل نقص فرص العمل وبيئات العمل المعادية للنساء، ورغم ذلك تبقى معدلات البطالة الرسمية بين الإناث أكثر من أربعة أضعافها بين الذكور.
🔴 عوائق متعددة تدفع النساء خارج قوة العمل
◾ قالت استشارية في التمكين الاقتصادي والاجتماعي لصحيح مصر، إن شعور قطاع من النساء بالإحباط نتيجة للمحاولات المتعددة للحصول على وظيفة رغم حصولهن على التأهيل اللازم دون أن ينجحن في الحصول على عمل يضطرهن للتوقف عن البحث، وهي واحدة من أهم أسباب خروج النساء من قوة العمل.
◾ وأضافت أن التعرض للمضايقات أو العنف أو التمييز أو التنمر أو التحرش مجموعة من المشكلات التي تواجهها النساء في سوق العمل، والتي تجبر قطاع كبير من النساء على الخروج من سوق العمل خاصة في ظل قصور آليات المحاسبة.
◾ يظهر انسحاب النساء من سوق العمل في تواجدهن الضعيف داخل قوة العمل والتي تعبر عن الأشخاص القادرين على العمل ويعملون أو يبحثون عن العمل، لتضم المشتغلون والمتعطلون.
◾ من بين كل عشر أشخاص في قوة العمل في مصر، اثنتين فقط من الإناث، مقابل ثمان ذكور، بينما يبلغ المعدل العالمي لمشاركة النساء في قوة العمل 40.1%، بحسب بيانات البنك الدولي.
◾ الثقافة المجتمعية التي ترفض عمل النساء من بين معوقات مساهمة النساء في سوق العمل أيضا، فمروة التي حصلت على مؤهل متوسط قبل أربع سنوات، ترفض أسرتها السماح لها بالبحث عن عمل، ومثلها يرفض زوج أسماء، أن تعمل بدعوى الاهتمام برعاية الأسرة، وعدم وجود فرص بظروف وأجور مناسبة.
◾ وترى استشارية التمكين الاقتصادي، أن كثير من العوائق تواجه النساء وتدفعهن بعيدا عن سوق العمل، ومنها تدني الأجور، والذي يجبر كثيرات على التوقف عن العمل لعدم وجود عائد مناسب بعد استبعاد مصروفات انتقالها ونفقاتها الشخصية، وخاصة حال دفع جزء من الراتب لتوفير حضانة لأطفالها.
◾ يظهر التعطل الاضطراري للنساء أيضا في انخفاض معدل المساهمة في النشاط الاقتصادي، والذي يبلغ في مصر نحو 43.4% من جملة السكان فوق 15 سنة، بينما يبلغ المعدل العالمي 60.1%.
◾ وتقدر مساهمة الذكور في النشاط الاقتصادي بـ 69.7%، بينما تقدر مساهمة النساء بتمثيل ضئيل يصل إلى 15.9% فقط، فيما يصل المعدل العالمي لمساهمة النساء في النشاط الاقتصادي إلى 49%.
◾ إلى ذلك، تؤكد استشارية التمكين الاقتصادي والاجتماعي، أن معدلات البطالة الرسمية لا تعبر عن الواقع وأن طريقة احتسابها تحتاج لمراجعة لأنها لا تقيس بشكل حقيقي وموضوعي معدلات البطالة أو التشغيل، وأن معدلات البطالة الحقيقية أعلى كثيرًا من الرقم المعلن.
🔴 رفض توظيف النساء يدفعهن للتعطل
◾ كانت نهى، تعمل بواحدة من شركات القطاع الخاص، التي قررت منحها شهرًا واحدًا إجازة بعد الولادة، وحينما تم رفض طلبها الحصول على إجازة الوضع التي يحددها القانون بثلاثة أشهر، اضطرت لترك العمل.
◾ لم تتخذ نهى، أي إجراء فهي تعمل كما كثيرين دون عقود تثبت علاقة العمل، وحينما عادت للبحث عن عمل بعد عام ونصف من عمر صغيرها وجدت عوائق أخرى جديدة فكثير من أصحاب الأعمال يرفضون توظيفها لأنها متزوجة وأم.
◾ "ابني تعبان.. لا أنا حامل تاني.. لا ما أتأخرش بعد مواعيد الشغل".. كان ذلك ما قاله مسؤول التوظيف بإحدى الشركات ساخرًا بعدما سأل عن وضع نهى العائلي، وهو ما لا تنساه أبدا، وتتمنى بعده لو سمحت ظروفها بالتوقف عن البحث عن عمل.
◾ كما أوضحت استشارية التمكين الاقتصادي، أن العوائق الناتجة عن عدم استجابة بيئة العمل لاحتياجات النساء، مثل حرمانها من إجازات كالوضع ورعاية الطفل، والتي يتهرب منها القطاع الخاص بشكل أكبر، تضطر كثيرات من النساء للخروج من قوة العمل، مؤكدة أن بعض جهات العمل ترفض توظيف النساء للتهرب من الالتزامات المرتبطة بتوظيفهن.
◾ نهى، واحدة ممن تعدّهم الأرقام الرسمية كمتعطلين، وتقدرهم بـ6.5% من قوة العمل، وهم من تعرفهم بمن يقدرون على أداء النشاط الاقتصادي ويرغبون فيه ويبحثون عنه ولكنهم لا يجدونه.
◾ وبينما لا يستطيع 4 من كل 100 ذكر في قوة العمل الحصول على فرصة عمل، فإن غياب فرص النساء يمثل أكثر من أربعة أضعاف الذكور، حيث لا تستطيع 17 من كل 100 امرأة مستعدات للعمل ويبحثن عنه الحصول على عمل.
🔴 عمل لـ 16 ساعة.. دون أجر
◾ فوزية، هي سيدة ريفية تقوم بحصد التفاح من بستان عائلتها بإحدى قرى محافظة الغربية، وتحمله للسوق لبيعه، كما تقوم برعاية بضع رؤوس من الجاموس تطعمها وتنظفها وتحلبها لتصنع الجبن والزبد وتبيعه مع الطيور وبيوضها التي تربيها أيضا.
◾ فوزية من ضمن قوة العمل وممن يصنفون كمشتغلين، وهم من يساهمون فعلا بمجهوداتهم الجسمانية أو العقلية في أي نشاط اقتصادي يتصل بإنتاج السلع والخدمات، ويمثلون 93.5% من إجمالي قوة العمل التي تضمهم والمتعطلون.
◾ رغم جهد فوزية، وساعات عملها التي قد تصل 16 ساعة يوميا، فإنها ضمن 16 من كل مئة امرأة داخل قوة العمل يعملن لصالح الأسرة دون أجر، مقابل 2 فقط من كل مائة ذكر يعملون لصالح الأسرة دون أجر.
◾ تعاني النسبة القليلة من النساء اللاتي تلتحقن بقوة العمل ضمن المشتغلين من مشكلات عدة، والتي قد تدفع أخريات للهروب من سوق العمل، أو يخرجن هن أنفسهن إن تمكن.
◾ فبينما يحصل 71.3% من الذكور على أجر نظير عملهم، تحصل 56.9% فقط من النساء داخل قوة العمل على أجر، بحسب بيانات بحث القوى العاملة عن الربع الثاني من العام 2024.
❓ هل من حل؟
ترى استشارية التمكين الاقتصادي والاجتماعي، أن الحل لمشكلات سوق العمل الطاردة للنساء ورفض بعض الشركات توظيف النساء، تبدأ عبر حوار مجتمعي مع أصحاب الشركات تقوم به الحكومة للتأكيد على دورهم المجتمعي، وتوفير حوافز للشركات التي توفر بيئة عمل مستجيبة لاحتياجات النساء، وكذلك مراجعة الشركات التي تستبعد النساء.
◾ مشيرة لأهمية وجود آلية للتعامل مع التمييز ضد النساء واستبعادهن من العمل، كإنشاء مفوضية مكافحة أشكال التمييز، أو أن تقوم وزارة العمل، بهذا الدور بالاستقبال والتحقيق في الشكاوى الخاصة بحرمان النساء من العمل.
◾ فضلا عن ضرورة قيام مكاتب العمل بدورها في التفتيش على أماكن العمل، والتأكد من حصول النساء على حقوقهن القانونية مثل تنفيذ إجازات الوضع ورعاية الطفل، كالرجوع لذات وظيفتها وعدم جواز فصلها أثناء إجازة الرعاية ما دامت ملتزمة بشروطها.
◾ كما أكدت على أهمية توفير وزيادة أعداد دور الحضانة، وهو دور يمكن أن تقوم به وزارة التضامن الاجتماعى، وأن تراعي الاستجابة لظروف العمل فلا تجد السيدة أن حضانة طفلها تنتهي عند الثانية بينما عملها ينتهي عند الرابعة أو بعدها.
🔴 مصر على مؤشر المرأة والعمل.. أقل من المتوسط
◾ كان البنك الدولي قد أصدر، تقريرا بعنوان المرأة والأعمال والقانون 2024، للكشف عن معوقات النساء في سوق العمل، ويقيس المؤشر العام أوضاع النساء في 190 دولة، عبر ثمانية مؤشرات حول المساواة في التنقل، قوانين العمل، الأجور، الزواج، الوضع، ريادة الأعمال، الملكية، المعاش التقاعدي.
◾ حصلت مصر على 50.6 نقطة من مئة، وهو أقل من المتوسط الإقليمي في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا والذي يقدر بـ 54.7 نقطة، بينما حققت مالطا أعلى معدل في الإقليم بـ 91.3 نقطة.
◾ وحصلت مصر على الدرجات المئة كاملة فيما يتعلق بالقيود المفروضة على النساء في تأسيس وإدارة الأعمال التجارية، والقوانين التي تؤثر على قيمة معاش المرأة.
◾ بينما حققت نتائج متراجعة في باقي المؤشرات، فحصلت فيما يتعلق بالقيود المفروضة على حرية التنقل على 50 نقطة، والقوانين التي تؤثر على قرارات المرأة في العمل 75 نقطة، والقوانين التي تؤثر على أجر المرأة صفر، والقيود المتعلقة بالزواج 20 نقطة، والقوانين التي تؤثر على عمل المرأة بعد إنجاب الأطفال 20 نقطة، والاختلافات بين الجنسين في حقوق الملكية 40 نقطة، وجميعها من أصل مئة نقطة.