عشنا طول عمرنا من 1939 بنتكلم على حل الدولتين، عشنا عمرنا عبدالناصر والسادات ومبارك بحل الدولتين، ثم جاء الآن الكلام عن حل الدولة الواحدة"
التصحيح
من
قنوات الإخوان: صناعة الكذب
بينما كان المشير عبدالفتاح السيسي، وزير الدفاع آنذاك، يتوسط مجموعة من رجال الدين والسياسيين والعسكريين، ليلقي كلمته بشأن عزل الرئيس الأسبق، محمد مرسي، مساء 3 يوليو قبل 6 سنوات، كان رجال الشرطة العسكرية يغلقون قنوات التيار الإسلامي "مصر 25، الحافظ، الناس"، وغيرها، دون قرار إداري.
عقب أشهر قليلة من وقف بث القنوات، واقتحام أخرى مؤيدة لجماعة الإخوان المسلمين، تبوأ أشخاص من خلفيات متعددة لا تنتمي معظمها للتيار الإسلامي، مقاعدهم في استديوهات تحليلية تُبث من بلدان أخرى على رأسها تركيا، وقطر، وأطلقوا برامجهم لمعارضة ما أسموه "الانقلاب العسكري في مصر".
بأصوات تبدو عليها الاستنفار والغضب الدائم، يُصدّق في حديثها ملايين المتابعين، دأب إعلاميو قناتي "الشرق ومكملين" على إطلاق العديد من التصريحات غير الدقيقة، بشأن القضايا المثارة في مصر.
أحد أهم القضايا، كان المشروع الذي أسمته مصر "قناة السويس الجديدة"، إذ بدأ الإعلاميون المحسوبون على الجماعة، نسج معلومات خاطئة عن المشروع، للتقليل منه، وإثبات ما أسموه "نصب" الرئيس عبد الفتاح السيسي على المصريين في شهادات القناة، التي كانت حصيلتها 64 مليار جنيه، جمعها المصريون في 8 أيام.
على رأس المشككين، تربع حمزة زوبع، الذي كان متحدثًا باسم "الإخوان"، إذ قال في تغريدة على "تويتر" عام 2014: "تسريب أخبار بعدم توزيع أرباح شهادات استثمار القناة هو جزء من خطة الاستيلاء على أموال المغفلين ،غدًا سيقول لهم السيسي تبرعوا بالفائدة لصالح مصر".
تصريح "زوبع" لم يكن دقيقًا، إذ أنه جرت عملية صرف عائد شهادات قناة السويس، بشكل منتظم، كل 3 أشهر، بالنسبة للشهادات التي تبدأ من فئة ألف جنيه، كما كان مقررًا من الأساس، وبالنسبة لفئات الـ10 جنيهات والـ100 جنيه، فلها عائد تراكمي يصرف في نهاية مدة الشهادة. ووفقًا للفريق مهاب مميش، رئيس هيئة قناة السويس السابق، فإنه سيتم صرف فائدة الشهادات بقيمة 15.5% لأصحابها في موعدها 4 سبتمبر، وهو ما أكدته البنوك المصرية مؤخرًا.
"زوبع" بعد سنوات من تنفيذ المشروع، لم يتراجع في تصريحاته غير الدقيقة بشأنه، وسرد أخرى خاطئة أيضًا في برنامجه "مع زوبع"، عام 2019، قائلًا: "مصر اشترت حفار واحد بمليار ونص لقناة السويس".
لم يكن ما قاله "زوبع" دقيقًا، فكل الأرقام المتداولة لم تقترب من قريب أو بعيد من تصريحه، إذ تعاقدت مصر مع شركة ألمانية لشراء 4 ماكينات حفر عملاقة من أجل إتمام أنفاق قناة السويس، وأفصح محسن صلاح، رئيس شركة المقاولون العرب، التي تنفذ مشروع الأنفاق، عن سعر الماكينات الأربعة الذي وصل إلى 45 مليون يورو.
دون الإفصاح عن الرقم، قال كامل الوزير، رئيس أركان الهيئة الهندسية آنذاك، المشرف العام على تنفيذ المشروع، أن الرئيس عبدالفتاح السيسي استطاع تخفيض السعر الأصلي 27 مليون يورو، بنحو 7 ملايين يورو لكل ماكينة، بينما كشف الإعلامي عماد أديب عن تخفيض السيسي السعر من 68 مليون يورو، إلى 45 مليون يورو بعد مفاوضاته مع الشركة الألمانية.
محمد ناصر، المذيع الأشهر على قناة "مكملين"، دخل على خط التشكيك في المشروع، وقال: "هي كل القصة إنها مش قناة هي كام كيلو متر مربع، وخلاص على كده".
تصريح محمد ناصر بحاجة إلى توضيح، إذ تبدأ تفريعة القناة من الكيلو متر 61 إلى الكيلو متر 95 (طبقاً للترقيم الكيلو متري للقناة). وتم افتتاحها 2015 بطول 35 كم، بالإضافة إلى توسيع وتعميق تفريعات البحيرات المرة والبلاح بطول 37 كم ليصبح الطول الإجمالي للمشروع 72 كم من الكيلو متر 50 إلى الكيلو متر 122.
قلل "ناصر" مطلع هذا الشهر، من خبر تحقيق قناة السويس الإيرادات الأعلى في تاريخها، وقارن بين تلك الإيرادات ومرتب محمد صلاح، لاعب ليفربول، وقال: "مميش طالع يقول بمنتهى السفالة، القناة حققت أعلى إيرادات في تاريخها، 104 مليار جنيه"، وتساءل ساخرًا: "هو ده أكبر عائد في تاريخ قناة السويس؟".
تدحض الأرقام سخرية "ناصر"، إذ حققت القناة بالفعل إيرادات بلغت 5.9 مليار دولار، خلال العام المالي 2018/2019، وهي الأعلى في تاريخها، ووفقًا لوزارة المالية، فإن ذلك هو أعلى معدل تحويل من القناة للخزانة العامة للدولة في تاريخها، وهو ما تثبته الأرقام الرسمية للقناة منذ إنشائها.
صاحب الصوت الجهوري، معتز مطر، مذيع "الشرق"، الذي يتمتع بشعبية كبيرة، قال بعد أيام قليلة من الإعلان عن المشروع، إن السيسي "لم الفلوس، ومشروع القناة مش هيستخدم كل ده، دي أكبر عملية نصب في تاريخ البلد، والمصايب الموجود (عجز الموازنة) هتخليه ياخد الفلوس، إن مكنش لاممها علشان دي، الفلوس كلها هتروح لسد أخرام الموازنة العام المتفرتكة والمتهربدة".
تصريح "مطر" لم يكن دقيقًا على الإطلاق، إذ قال الفريق مهاب مميش، رئيس الهيئة السابق، إنه جرى صرف 20 مليار جنيه على حفر القناة، من أصل 64 مليار جمعها المصريون، وتم صرف الباقي على الأنفاق وميناء شرق بورسعيد والمنطقة اللوجيستية والاقتصادية، وهو نفس ما أكده الفريق أسامة ربيع، رئيس الهيئة الجديد قبل أيام، قائلًا إن "باقي المبلغ تم ضخه في مشروعات قومية أخرى مثل أنفاق الإسماعيلية وبورسعيد والسويس"، وهذا يعني أنه لم يجر استخدام أموال الشهادات في سد عجز الموازنة.
"مطر" الذي سبق وقال إن مشروع القناة لا يحتاج كل تلك الأموال، عاد في 2019، ونسج تصريحًا مناقضًا لما قاله، وعلى شاكلة سابقيه لم يكن دقيقًا: "مشروع القناة اتكلف تكلفة رهيبة، تجاوزت 8 مليار دولار".
على عهدة "مميش" فإن المشروع تكلف 20 مليار و417 مليون جنيه، وهو ما أكده عبدالفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، في أكثر من مناسبة، قائلًا: "لو على الـ20 مليار اللس صرفناهم على القناة فإحنا جبناهم"، ووفقًا لموقع قناة السويس فإن التكلفة وصلت إلى 19 مليار و500 مليون جنيه، مقسمة إلى 4 مليار تكلفة أعمال الحفر على الناشف، و15 مليار أعمال تكريك، و500 مليون لأعمال التكسيات.
من نسج التصريحات غير الدقيقة عن القناة، إلى سرد تحليلات عن مشروع السلام في الشرق الأوسط، المعروف إعلاميًا بـ"صفقة القرن"، دأب إعلاميو "الشرق ومكملين" على ترويج حكاية واحدة لا ثان لها، تفيد نية السيسي بيع سيناء مقابل الأموال لتكون وطنًا بديلًا للفلسطينيين.
على القناة التي تبث من تركيا، يتحدث "ناصر" بشكل شبه منتظم عن تلك النية: "تم إخلاء سيناء علشان المشروع بتاعك ده (الصفقة)، فالإخلاء حصل"، وفي تصريح آخر: "عشنا طول عمرنا من 1939 بنتكلم على حل الدولتين، عشنا عمرنا عبدالناصر والسادات ومبارك بحل الدولتين، ثم جاء الآن الكلام عن حل الدولة الواحدة".
ناصر، الذي يقول عن نفسه إنه "ليس إخواني ولن يكون"، تفتقد تصريحاته إلى الدقة، إذ أن موقف مصر الرسمي الذي تعلنه دائمًا عبر وزارة الخارجية، وأحاديث السيسي الدولية، يؤكد على تمسكها بمبدأ حل الدولتين، آخرها ما قاله السيسي رداً على إعلان جيسون غرينبلات، مبعوث الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، إلى الشرق الأوسط، استبعاد مصطلح "حل الدولتين" من خطة واشنطن المرتقبة.
على خطى "ناصر" يسير "مطر"، الذي قال إن "هناك خريطة متداولة تعليقًا على كلام ترامب وقوله إن إسرائيل وعدد من الدول العربية بتمويل عربي، اشترت أراضي في سيناء من السيسي لصالح إقامة دولة فلسطينية، وتيران وصنافير كانت البداية".
ما قاله "مطر" بصوت بدا ثائرًا ومستنفرًا، يتنافى كليًا مع الحقيقة، إذ لا يوجد تصريح للرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، حول بيع سيناء للإسرائيليين أو لدول عربية، مقابل إقامة دولة فلسطينية.
عماد البحيري، أحد مذيعي "الشرق" شارك في قصة التشكيك بتصريح آخر غير دقيق، وكتب على "تويتر": الكل يعرف أن سيناء هي مكان صفقة القرن، وبعد سقوط الموصل سيتم شحن داعش إليها حتى يتم الاستعانة بالحلفاء لتحرير سيناء ويبدأ تنفيذ الصفقة".
تصريح البحيري ليس دقيقُا، إذ نفت الرئاسة المصرية، قبل عامين التقارير التي طرحت فكرة توطين الفلسطينيين في سيناء، ووصفها المتحدث باسم السيسي بأنها "غير واقعية وغير مقبولة" وتهدف إلى "بث الفتنة والبلبلة"، مؤكداً "أنه من غير المتصور الخوض في مثل هذه الأطروحات غير الواقعية وغير المقبولة"، وأن الأمر "لم يسبق مناقشته أو طرحه على أي مستوى من جانب أي مسؤول عربي أو أجنبي مع الجانب المصري".
وبعيدًا عن النفي المصري المتكرر من الرئاسة ووزارة الخارجية، فإن المبعوث الأمريكي للشرق الأوسط، جيسون غرينبلات، أكد أن خطة ترامب للسلام، لن تشمل منح أراض من شبه جزيرة سيناء للفلسطينيين.
انتقل "البحيري" وشركائه من إطلاق تصريحات غير دقيقة عن صفقة القرن، إلى أخرى عن العاصمة الإدارية الجديدة، إذ قال: "السيسي إمبارح قال إنه بيوصل مرافق أساسية للعاصمة الإدارية بـ 200 مليار جنيه، (..) والحكومة تستشكل على حكم منح أصحاب المعاشات علاوات بسيطة، مكانش ينفع تزود ناس أفنت عمرها في خدمة البلد جنيهات قليلة ومن خارج الميزانية برضه".
المبلغ الذي ذكره "البحيري" ليس دقيقًا، إذ أكدت شركة العاصمة الإدارية أنها خصصت 140 مليار جنيه، لكافة المرافق الرئيسية بالعاصمة، والتي تتضمن (شبكات المياه، الصرف الصحي، الطرق، البنية التحتية الذكية، المنشآت الحكومية، المرافق الأخرى).
هشام عبدالله، الذي ترك التمثيل ودخل على خط المعارضة، قال في برنامجه المذاع على "الشرق": "العاصمة الإدارية بيتصرف عليها من جيب المصريين، علشان تبقى حصن للسيسي (..) عامل سور خرساني ضخم جدا، مبني بطول 80 كيلو متر، وبدأ المدينة بالسور ومحاوط المدينة كلها".
حمزة زوبع شارك في ترويج الأمر نفسه، مستنكرًا الحديث عن تمويل العاصمة الإدارية من خارج الموازنة: "يعني إيه؟ يبقى الجماعة اللواءات لموا وعملوا جمعية وظبطوا الموضوع، والجيش هيعملها".
تصريحات "عبدالله" و"زوبع" عن تمويل العاصمة غير دقيقين، إذ لا تحتوي الموازنة العامة على أي أموال مخصصة لمصروفات على المشروع، وباستثناء إعلان وزارة الاتصالات تخصيص 26 مليار جنيه كاستثمارات لها داخل العاصمة، فإنه وفقًا لتصريحات متعددة للسيسي، ورئيس الوزراء مصطفى مدبولي، أكدها وزير المالية، محمد معيط، أكثر مرة، فإن "ميزانية العاصمة الإدارية مستقلة ومنفصلة تماماً عن الموازنة العامة الدولة، وتعتمد على إيرادات الشركة من حصيلة بيع الأراضي بالمشروع للمستثمرين، ومن ثم توجيه إنفاقها في تمويل عمليات الإنشاء وسداد مستحقات المقاولين والعمال بها".
السور أيضًا أكذوبة لا حقيقة لها، وفقًا لرئيس جهاز العاصمة، الذي وصف الأمر بـ"الفارغ"، متسائلًا: "العاصمة الإدارية على مساحة ١٨٠ ألف فدان، مين المجنون الذي يتصور أنه يمكن بناء سور حول هذه المساحة الضخمة".
وأوضح: "السور قد يكون في منطقة بقلب العاصمة، أو حول محطة للكهرباء أو المياه، أو حول منشأة ما".
"الحقيقة موجودة على الأرض، الموقع معروف والحدود معروفة، واللي عايز يشرفنا ويشوف ييجي"، بكلمات مختصرة ردّ المتحدث باسم العاصمة، خالد الحسيني، على أحاديث السور، قبل نحو عامين، بينما ما زال إعلاميو الخارج يتحدثون عن الأمر نفسه دون دقة في كل مناسبة.
بينما كان المشير عبدالفتاح السيسي، وزير الدفاع آنذاك، يتوسط مجموعة من رجال الدين والسياسيين والعسكريين، ليلقي كلمته بشأن عزل الرئيس الأسبق، محمد مرسي، مساء 3 يوليو قبل 6 سنوات، كان رجال الشرطة العسكرية يغلقون قنوات التيار الإسلامي "مصر 25، الحافظ، الناس"، وغيرها، دون قرار إداري.
عقب أشهر قليلة من وقف بث القنوات، واقتحام أخرى مؤيدة لجماعة الإخوان المسلمين، تبوأ أشخاص من خلفيات متعددة لا تنتمي معظمها للتيار الإسلامي، مقاعدهم في استديوهات تحليلية تُبث من بلدان أخرى على رأسها تركيا، وقطر، وأطلقوا برامجهم لمعارضة ما أسموه "الانقلاب العسكري في مصر".
بأصوات تبدو عليها الاستنفار والغضب الدائم، يُصدّق في حديثها ملايين المتابعين، دأب إعلاميو قناتي "الشرق ومكملين" على إطلاق العديد من التصريحات غير الدقيقة، بشأن القضايا المثارة في مصر.
أحد أهم القضايا، كان المشروع الذي أسمته مصر "قناة السويس الجديدة"، إذ بدأ الإعلاميون المحسوبون على الجماعة، نسج معلومات خاطئة عن المشروع، للتقليل منه، وإثبات ما أسموه "نصب" الرئيس عبد الفتاح السيسي على المصريين في شهادات القناة، التي كانت حصيلتها 64 مليار جنيه، جمعها المصريون في 8 أيام.
على رأس المشككين، تربع حمزة زوبع، الذي كان متحدثًا باسم "الإخوان"، إذ قال في تغريدة على "تويتر" عام 2014: "تسريب أخبار بعدم توزيع أرباح شهادات استثمار القناة هو جزء من خطة الاستيلاء على أموال المغفلين ،غدًا سيقول لهم السيسي تبرعوا بالفائدة لصالح مصر".
تصريح "زوبع" لم يكن دقيقًا، إذ أنه جرت عملية صرف عائد شهادات قناة السويس، بشكل منتظم، كل 3 أشهر، بالنسبة للشهادات التي تبدأ من فئة ألف جنيه، كما كان مقررًا من الأساس، وبالنسبة لفئات الـ10 جنيهات والـ100 جنيه، فلها عائد تراكمي يصرف في نهاية مدة الشهادة. ووفقًا للفريق مهاب مميش، رئيس هيئة قناة السويس السابق، فإنه سيتم صرف فائدة الشهادات بقيمة 15.5% لأصحابها في موعدها 4 سبتمبر، وهو ما أكدته البنوك المصرية مؤخرًا.
"زوبع" بعد سنوات من تنفيذ المشروع، لم يتراجع في تصريحاته غير الدقيقة بشأنه، وسرد أخرى خاطئة أيضًا في برنامجه "مع زوبع"، عام 2019، قائلًا: "مصر اشترت حفار واحد بمليار ونص لقناة السويس".
لم يكن ما قاله "زوبع" دقيقًا، فكل الأرقام المتداولة لم تقترب من قريب أو بعيد من تصريحه، إذ تعاقدت مصر مع شركة ألمانية لشراء 4 ماكينات حفر عملاقة من أجل إتمام أنفاق قناة السويس، وأفصح محسن صلاح، رئيس شركة المقاولون العرب، التي تنفذ مشروع الأنفاق، عن سعر الماكينات الأربعة الذي وصل إلى 45 مليون يورو.
دون الإفصاح عن الرقم، قال كامل الوزير، رئيس أركان الهيئة الهندسية آنذاك، المشرف العام على تنفيذ المشروع، أن الرئيس عبدالفتاح السيسي استطاع تخفيض السعر الأصلي 27 مليون يورو، بنحو 7 ملايين يورو لكل ماكينة، بينما كشف الإعلامي عماد أديب عن تخفيض السيسي السعر من 68 مليون يورو، إلى 45 مليون يورو بعد مفاوضاته مع الشركة الألمانية.
محمد ناصر، المذيع الأشهر على قناة "مكملين"، دخل على خط التشكيك في المشروع، وقال: "هي كل القصة إنها مش قناة هي كام كيلو متر مربع، وخلاص على كده".
تصريح محمد ناصر بحاجة إلى توضيح، إذ تبدأ تفريعة القناة من الكيلو متر 61 إلى الكيلو متر 95 (طبقاً للترقيم الكيلو متري للقناة). وتم افتتاحها 2015 بطول 35 كم، بالإضافة إلى توسيع وتعميق تفريعات البحيرات المرة والبلاح بطول 37 كم ليصبح الطول الإجمالي للمشروع 72 كم من الكيلو متر 50 إلى الكيلو متر 122.
قلل "ناصر" مطلع هذا الشهر، من خبر تحقيق قناة السويس الإيرادات الأعلى في تاريخها، وقارن بين تلك الإيرادات ومرتب محمد صلاح، لاعب ليفربول، وقال: "مميش طالع يقول بمنتهى السفالة، القناة حققت أعلى إيرادات في تاريخها، 104 مليار جنيه"، وتساءل ساخرًا: "هو ده أكبر عائد في تاريخ قناة السويس؟".
تدحض الأرقام سخرية "ناصر"، إذ حققت القناة بالفعل إيرادات بلغت 5.9 مليار دولار، خلال العام المالي 2018/2019، وهي الأعلى في تاريخها، ووفقًا لوزارة المالية، فإن ذلك هو أعلى معدل تحويل من القناة للخزانة العامة للدولة في تاريخها، وهو ما تثبته الأرقام الرسمية للقناة منذ إنشائها.
صاحب الصوت الجهوري، معتز مطر، مذيع "الشرق"، الذي يتمتع بشعبية كبيرة، قال بعد أيام قليلة من الإعلان عن المشروع، إن السيسي "لم الفلوس، ومشروع القناة مش هيستخدم كل ده، دي أكبر عملية نصب في تاريخ البلد، والمصايب الموجود (عجز الموازنة) هتخليه ياخد الفلوس، إن مكنش لاممها علشان دي، الفلوس كلها هتروح لسد أخرام الموازنة العام المتفرتكة والمتهربدة".
تصريح "مطر" لم يكن دقيقًا على الإطلاق، إذ قال الفريق مهاب مميش، رئيس الهيئة السابق، إنه جرى صرف 20 مليار جنيه على حفر القناة، من أصل 64 مليار جمعها المصريون، وتم صرف الباقي على الأنفاق وميناء شرق بورسعيد والمنطقة اللوجيستية والاقتصادية، وهو نفس ما أكده الفريق أسامة ربيع، رئيس الهيئة الجديد قبل أيام، قائلًا إن "باقي المبلغ تم ضخه في مشروعات قومية أخرى مثل أنفاق الإسماعيلية وبورسعيد والسويس"، وهذا يعني أنه لم يجر استخدام أموال الشهادات في سد عجز الموازنة.
"مطر" الذي سبق وقال إن مشروع القناة لا يحتاج كل تلك الأموال، عاد في 2019، ونسج تصريحًا مناقضًا لما قاله، وعلى شاكلة سابقيه لم يكن دقيقًا: "مشروع القناة اتكلف تكلفة رهيبة، تجاوزت 8 مليار دولار".
على عهدة "مميش" فإن المشروع تكلف 20 مليار و417 مليون جنيه، وهو ما أكده عبدالفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، في أكثر من مناسبة، قائلًا: "لو على الـ20 مليار اللس صرفناهم على القناة فإحنا جبناهم"، ووفقًا لموقع قناة السويس فإن التكلفة وصلت إلى 19 مليار و500 مليون جنيه، مقسمة إلى 4 مليار تكلفة أعمال الحفر على الناشف، و15 مليار أعمال تكريك، و500 مليون لأعمال التكسيات.
من نسج التصريحات غير الدقيقة عن القناة، إلى سرد تحليلات عن مشروع السلام في الشرق الأوسط، المعروف إعلاميًا بـ"صفقة القرن"، دأب إعلاميو "الشرق ومكملين" على ترويج حكاية واحدة لا ثان لها، تفيد نية السيسي بيع سيناء مقابل الأموال لتكون وطنًا بديلًا للفلسطينيين.
على القناة التي تبث من تركيا، يتحدث "ناصر" بشكل شبه منتظم عن تلك النية: "تم إخلاء سيناء علشان المشروع بتاعك ده (الصفقة)، فالإخلاء حصل"، وفي تصريح آخر: "عشنا طول عمرنا من 1939 بنتكلم على حل الدولتين، عشنا عمرنا عبدالناصر والسادات ومبارك بحل الدولتين، ثم جاء الآن الكلام عن حل الدولة الواحدة".
ناصر، الذي يقول عن نفسه إنه "ليس إخواني ولن يكون"، تفتقد تصريحاته إلى الدقة، إذ أن موقف مصر الرسمي الذي تعلنه دائمًا عبر وزارة الخارجية، وأحاديث السيسي الدولية، يؤكد على تمسكها بمبدأ حل الدولتين، آخرها ما قاله السيسي رداً على إعلان جيسون غرينبلات، مبعوث الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، إلى الشرق الأوسط، استبعاد مصطلح "حل الدولتين" من خطة واشنطن المرتقبة.
على خطى "ناصر" يسير "مطر"، الذي قال إن "هناك خريطة متداولة تعليقًا على كلام ترامب وقوله إن إسرائيل وعدد من الدول العربية بتمويل عربي، اشترت أراضي في سيناء من السيسي لصالح إقامة دولة فلسطينية، وتيران وصنافير كانت البداية".
ما قاله "مطر" بصوت بدا ثائرًا ومستنفرًا، يتنافى كليًا مع الحقيقة، إذ لا يوجد تصريح للرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، حول بيع سيناء للإسرائيليين أو لدول عربية، مقابل إقامة دولة فلسطينية.
عماد البحيري، أحد مذيعي "الشرق" شارك في قصة التشكيك بتصريح آخر غير دقيق، وكتب على "تويتر": الكل يعرف أن سيناء هي مكان صفقة القرن، وبعد سقوط الموصل سيتم شحن داعش إليها حتى يتم الاستعانة بالحلفاء لتحرير سيناء ويبدأ تنفيذ الصفقة".
تصريح البحيري ليس دقيقُا، إذ نفت الرئاسة المصرية، قبل عامين التقارير التي طرحت فكرة توطين الفلسطينيين في سيناء، ووصفها المتحدث باسم السيسي بأنها "غير واقعية وغير مقبولة" وتهدف إلى "بث الفتنة والبلبلة"، مؤكداً "أنه من غير المتصور الخوض في مثل هذه الأطروحات غير الواقعية وغير المقبولة"، وأن الأمر "لم يسبق مناقشته أو طرحه على أي مستوى من جانب أي مسؤول عربي أو أجنبي مع الجانب المصري".
وبعيدًا عن النفي المصري المتكرر من الرئاسة ووزارة الخارجية، فإن المبعوث الأمريكي للشرق الأوسط، جيسون غرينبلات، أكد أن خطة ترامب للسلام، لن تشمل منح أراض من شبه جزيرة سيناء للفلسطينيين.
انتقل "البحيري" وشركائه من إطلاق تصريحات غير دقيقة عن صفقة القرن، إلى أخرى عن العاصمة الإدارية الجديدة، إذ قال: "السيسي إمبارح قال إنه بيوصل مرافق أساسية للعاصمة الإدارية بـ 200 مليار جنيه، (..) والحكومة تستشكل على حكم منح أصحاب المعاشات علاوات بسيطة، مكانش ينفع تزود ناس أفنت عمرها في خدمة البلد جنيهات قليلة ومن خارج الميزانية برضه".
المبلغ الذي ذكره "البحيري" ليس دقيقًا، إذ أكدت شركة العاصمة الإدارية أنها خصصت 140 مليار جنيه، لكافة المرافق الرئيسية بالعاصمة، والتي تتضمن (شبكات المياه، الصرف الصحي، الطرق، البنية التحتية الذكية، المنشآت الحكومية، المرافق الأخرى).
هشام عبدالله، الذي ترك التمثيل ودخل على خط المعارضة، قال في برنامجه المذاع على "الشرق": "العاصمة الإدارية بيتصرف عليها من جيب المصريين، علشان تبقى حصن للسيسي (..) عامل سور خرساني ضخم جدا، مبني بطول 80 كيلو متر، وبدأ المدينة بالسور ومحاوط المدينة كلها".
حمزة زوبع شارك في ترويج الأمر نفسه، مستنكرًا الحديث عن تمويل العاصمة الإدارية من خارج الموازنة: "يعني إيه؟ يبقى الجماعة اللواءات لموا وعملوا جمعية وظبطوا الموضوع، والجيش هيعملها".
تصريحات "عبدالله" و"زوبع" عن تمويل العاصمة غير دقيقين، إذ لا تحتوي الموازنة العامة على أي أموال مخصصة لمصروفات على المشروع، وباستثناء إعلان وزارة الاتصالات تخصيص 26 مليار جنيه كاستثمارات لها داخل العاصمة، فإنه وفقًا لتصريحات متعددة للسيسي، ورئيس الوزراء مصطفى مدبولي، أكدها وزير المالية، محمد معيط، أكثر مرة، فإن "ميزانية العاصمة الإدارية مستقلة ومنفصلة تماماً عن الموازنة العامة الدولة، وتعتمد على إيرادات الشركة من حصيلة بيع الأراضي بالمشروع للمستثمرين، ومن ثم توجيه إنفاقها في تمويل عمليات الإنشاء وسداد مستحقات المقاولين والعمال بها".
السور أيضًا أكذوبة لا حقيقة لها، وفقًا لرئيس جهاز العاصمة، الذي وصف الأمر بـ"الفارغ"، متسائلًا: "العاصمة الإدارية على مساحة ١٨٠ ألف فدان، مين المجنون الذي يتصور أنه يمكن بناء سور حول هذه المساحة الضخمة".
وأوضح: "السور قد يكون في منطقة بقلب العاصمة، أو حول محطة للكهرباء أو المياه، أو حول منشأة ما".
"الحقيقة موجودة على الأرض، الموقع معروف والحدود معروفة، واللي عايز يشرفنا ويشوف ييجي"، بكلمات مختصرة ردّ المتحدث باسم العاصمة، خالد الحسيني، على أحاديث السور، قبل نحو عامين، بينما ما زال إعلاميو الخارج يتحدثون عن الأمر نفسه دون دقة في كل مناسبة.