كيف تصاعد حجم الأموال الساخنة خلال العام 2024؟ للمرة الأولى من 25 عامًا مشتريات الأجانب من الديون المصرية تقترب من 50%.. و35 مليار دولار إجمالي مشتريات الأجانب من أدوات الدين قبل خروج 4 مليار دولار في يونيو الماضي
التصحيح
من
🔴 عقب تخفيض سعر صرف الجنيه أمام الدولار خلال شهر مارس الماضي، وزيادة أسعار الفائدة إلى نحو 27.25%، دفع المستثمرون الأجانب بالأموال الساخنة إلى السوق المصري للاستثمار في أدوات الدين الحكومي من الأذون والسندات، مستغلين نسبة الفائدة المرتفعة وانخفاض قيمة الجنيه. [1]

◾ ويقصد بالأموال الساخنة، شراء المستثمرين الأجانب أدوات الدين الحكومي من أذون وسندات، بالعملة المحلية، على أن يضمن لهم البنك المركزي إعادة تحويل أموالهم إلى العملة الأجنبية، وتوصف بـ"الساخنة"، لأنها تستغل الفائدة المرتفعة في الاقتصادات الناشئة، للحصول على عائدات كبيرة، ولكنها سرعان ما تنسحب بمجرد ظهور بوادر أزمات سواء محلية أو عالمية، لتستقر في الاقتصادات الكبرى الآمنة.

◾ وزادت وتيرة الدفع بالأموال الساخنة حتى بلغت في نهاية مارس الماضي، نحو 31 مليار دولار، مقابل 12.8 مليار بنهاية ديسمبر 2023، قبل أن ترتفع إلى أكثر من 35 مليار دولار بنهاية أبريل الماضي.

◾ وهو ما يظهر أن الحكومة المصرية نكثت بوعودها للمرة الرابعة بعدم الاعتماد على الأموال الساخنة، حتى أن مشتريات الأجانب من أدوات الدين المصري بلغت نحو نصف الديون الحكومية للعام الحالي 2024، متجاوزة الـ1.6 تريليون جنيه.

⚠️ صحيح مصر يرصد في هذا قراءة رقمية من واقع بيانات البنك المركزي حجم مشتريات الأجانب من أذون الخزانة خلال الفترة بين 2010 وحتى 2024.

🔴 طروحات بفائدة مرتفعة.. وتخارج دولاري مضمون

◾ تعد أذون الخزانة من أدوات الدين قصيرة الأجل إذ تتراوح آجال سدادها بين 3 شهور وحتى عام، بينما السندات تعد أطولاً حيث تتراوح آجال سدادها من عام وحتى 15 عامًا وأكثر.

◾ وتراوحت أسعار الفائدة على أذون الخزانة المطروحة خلال شهر مارس وأبريل الماضيين لمدة 91 يومًا بين 24.9% إلى 30.2%، بينما تراوحت أسعار الفائدة على أذون مدة 6 أشهر 25.6% إلى 31.8%، وتراوحت أسعار الفائدة على الأذون مدة 9 أشهر بين 25.7% إلى 31.4%، وأخيرًا بلغت أسعار الفائدة على الأذون مدة عام بين 25.9% إلى 32.3%، وفقًا لبيانات البنك المركزي.

◾ ويشتري المستثمرون الأجانب الأذون بالجنيه المصري بعد تحويل أموالهم المودعة في البنوك المصرية إلى الجنيه، على أن يضمن البنك المركزي للعملاء الأجانب حرية إعادة تحويل أموالهم إلى الدولار مرة أخرى بعد بيع الأذون، وهو ما يحدث في كل مرة حين يتخارج مستثمرو الأموال الساخنة من السوق المصري، وما يتبعه من هزات بسبب نقص العملة الأجنبية.

🔴 تاريخ الاعتماد على الأموال الساخنة

◾ في يونيو 2005، وبعد نحو عامين من قرار حكومة عاطف عبيد بتحرير سعر الصرف عام 2003، سجلت مشتريات الأجانب من الديون المصرية "الأموال الساخنة" ارتفاعًا من "صفر" إلى 120 مليون دولار.

◾ وظلت مشتريات الأجانب من أدوات الدين المصري تسجل ارتفاعًا حتى يونيو 2010، قبل أن تنخفض في يونيو 2011 بنسبة 39.4%، ثم تهبط بنسبة تزيد عن 96% في يونيو 2012 متأثرة بأوضاع البلاد عقب ثورة 25 يناير.

◾ واستمر الانخفاض في مشتريات الأجانب، ولم تتجاوز حاجز 200 مليون دولار طوال سنوات 2013 و2014 و2015، وحتى قبل تخفيض سعر صرف الجنيه في نهاية 2016.

🔴 انسحاب الأموال الساخنة.. وندم الحكومة

◾ ومن جديد، في مطلع العام 2017، بدأت مشتريات الأجانب في الديون المصرية "الأموال الساخنة" في الدخول بقوة للسوق المصري استغلالاً لتخفيض قيمة الجنيه بنسب تتجاوز 50% عقب تحرير سعر الصرف، وسجلت حينها نحو 9.9 مليار دولار، مقارنة بـ53.1 مليون دولار في 2016.

◾ ومنذ ذلك العام أخذت استثمارات الأجانب في أوراق الدين الحكومي في الارتفاع حتى وصلت إلى قرابة 16.5 مليار دولار في يونيو 2018، ثم تهاوت في العام 2020 على إثر جائحة فيروس كورونا بعد سحب المستثمرون الأجانب الأموال أموالهم الساخنة من مصر.

◾ وفي العام التالي 2021، ارتفعت مشتريات الأجانب مرة أخرى إلى نحو 23 مليار جنيه وبنسبة زيادة اقتربت من 200%، ثم انخفضت من جديد في العام 2022 بنسبة بلغت 64.3% عقب أزمة الحرب الروسية الأوكرانية.

◾ أحدث هذا هزات عنيفة في الاقتصاد المصري، وتسبب في أزمة كبيرة في توفير العملة الأجنبية، وهو ما دفع وزير المالية وقتها، محمد معيط، ليقول في تصريحات تليفزيونية مع قناة MBC مصر: "إن الدولة المصرية تعلمت الدرس فيما يخص الأموال الساخنة، ولن تعتمد عليها مرة أخرى"، واستطرد: "تعلمنا الدرس من 3 مرات متتالية في 2018 و2020 و2022".

🔴 العودة إلى الاعتماد على الأموال الساخنة

◾ ولكن يبدو أن الحكومة مازالت لم تعِ الدرس جيدًا، في العام 2024، وعلى الرغم من ارتفاع حصيلة الاحتياطي النقدي إلى نحو 46.4 مليار دولار تقريبًا وانخفاض حجم الدين الخارجي إلى قرابة 153.3 مليار دولار؛ إلا إن تلك الزيادة في الاحتياطي قابلتها زيادة في حجم مشتريات الأجانب من أذون الخزانة "الأموال الساخنة" بشكل باتت تُشكل معه نحو 47.4% من الديون. [2، 3، 4، 5، 6، 7]

◾ وارتفعت مشتريات الأجانب من الأذون المصرية بنسبة 417.6% خلال الفترة بين 2010 وأبريل 2024، بعدما زادت من 6.83 مليار دولار إلى نحو 35.3 مليار دولار.

◾ وعقب رفع أسعار الفائدة في 2023 وخفض قيمة الجنيه ثلاث مرات خلال عام 2022 و2023 ارتفعت مشتريات الأجانب من أدوات الدين المصري إلى 12.7 مليار دولار في يونيو 2023، ثم ظلت عند 12.7 مليار دولار حتى ديسمبر 2023.

◾ لكن مع تحرير سعر صرف الجنيه للمرة الرابعة في مارس الماضي، ارتفعت مشتريات الأجانب من أدوات الدين المصري إلى مستوى قياسي حتى بلغت 35 مليار دولار بنهاية أبريل الماضي.

◾ يأتي هذا قبل أن تُشير صحيفة المال نقلاً عن مصادر لم تفصح عنها، عن خروج 4 مليار دولار من أموال المستثمرين الأجانب الحائزين على أذون خزانة، في يونيو الماضي، ولا تُتيح بيانات البنك المركزي أرقام مستثمري أذون الخزانة من الأجانب إلا لغاية شهر أبريل الماضي فقط. [8]

🔴 نصيب الأجانب يقترب من 50%

◾ شكلت مشتريات الأجانب من أذون الخزانة نسبة تقترب من 47.4% من إجمالي طروحات البنك المركزي من أذون الخزانة، للمرة في تاريخ خلال العشرين عامًا الماضية وفقًا لمراجعات لبيانات البنك المركزي بين 2004 إلى 2024.

◾ وكان ارتفع معدل طروحات البنك المركزي من أذون الخزانة بمعدل 7 أضعاف وبنسبة تتجاوز 1200% خلال الفترة بين 2010 إلى أبريل 2024، بعدما زادت قيمة إصدارات أذون الخزانة من 266 مليار جنيه إلى 3.57 تريليون جنيه.

◾ وتخطى إجمالي طروحات مصر من أذون الخزانة حاجز تريليون جنيه عام 2018، إذ سجلت في ذلك العام نحو 1.2 تريليون جنيه، ثم وبعد ذلك أخذت في الزيادة بمعدلات ضخمة حتى بلغت نحو 2.17 تريليون جنيه في يونيو 2023 بمعدل زيادة وصل إلى 77.3% عن عام 2018.

◾ وواصلت الحكومة إصدار أدوات الدين من أذون الخزانة حتى وصلت إلى 3.57 تريليون جنيه بمعدل زيادة تصل إلى 31.5% مقارنة بديسمبر 2023.