هل بدأت إثيوبيا في ملء سد النهضة ؟
التصحيح
من
نشر بنجامين سترايك، صحفي في بي بي سي، صورًا ألتقطت عبر الأقمار الصناعية في تغريدة على "تويتر"، تُظهر تجمعات مائية داخل سد النهضة الإثيوبي، ولكن عاد الصحفي ليشير إلى أن تلك التجمعات سبق وتكررت من قبل عدّة مرات منذ إنشاء "سد النهضة" بشكل موسمي. ولكن الجزء الأول من سلسلة تغريدات كتبها سترايك انتشر على الشبكات الاجتماعية، ودلل به البعض بشكل خاطيء على بدء ملء سد النهضة.

وبدأ الخلاف بين مصر والسودان -دول مصب نهر النيل- من جهة، وإثيوبيا -أحدى دول المنبع- حول تقاسم مياه النهر، بعد توقيع بعضًا من دول المنبع اتفاقية في أوغندا عام 2010 سميت باتفاقية "عنتيبي" تعيد تقسيم مياه نهر النيل بمعزل عن الاتفاقيات التاريخيّة وحقوق دول المصب، أعقبها إعلان إثيوبيا عن بناء سدًا على النيل الأزرق عام 2011، تحت اسم "سد النهضة، بطاقة استيعابية قدرها 74 مليار متر مكعب من المياه، يقلل بناء السد من حصة مصر والسودان التاريخية من المياه، ورغم استمرار التفاوض بين الثلاثة دول على مدار عشرة أعوام ولكن مازال الخلاف قائمًا..

جوهر الخلاف حاليًا هي فترة ملء سد النهضة، وإدارته خلال فترات الجفاف والفيضان.

يمثل نهر النيل 10 % من إجمالي مساحة القارة الأفريقية، وهو شريان الحياة لأكثر من 300 مليون شخص، ويمر عبر 11 دولة أفريقية وينتهي عند مصر ليلتقي بالبحر الأبيض المتوسط.


❓ما هي البنود الخلافية بين مصر والسودان وأثيوبيًا وما مدى تأثيرها على الدول الثلاثة؟
🔲 سنوات ملء السد:
◾️تسعى إثيوبيا لملء سد النهضة خلال ثلاث سنوات، ثم عدلت ذلك لخمس سنوات، حتى تبدأ في توليد الكهرباء في أسرع وقت، ولكن مصر رفضت ذلك وطالبت بزيادة سنوات الملء لسبع سنوات كاملة، حتى لا تتعرض لشح في المياه. النيل يغزي مصر بأكثر من 95 % من احتياجاتها المائية سنويًا، إذ تقدر حصتها بـ 55.5 مليار متر مكعب من المياه سنويًا.
◾️نقص المياه قد يعرض مصر لخسائر فادحة في الزراعة، التي تعتمد أراضيها الخصبة على الري بنسبة 80 % من مياه النهر، وبحسب وزارة الري المصرية، نقص حصة مصر من مياه النهر بنسبة 1 % قد يعرض البلاد لفقدان 100 ألف فدان من دلتا النيل، مما يتسبب في خسائر كبيرة في الأمن الغذائي المصري.

🔲 قواعد التعامل مع الجفاف والجفاف الممتد وقلة الأمطار:
◾️تختلف درجة فيضان النيل من سنة إلى آخر، فحينًا يأتي "شديد" وآخرى يأتي "متوسط"، ولكن في بعض الأحيان يأتي فيضان منخفض ومعه الجفاف، وهي الفترة التي تثير تخوفات مصر والسودان من إدارة إثيوبيا للسد، فإذا استمرت "أديس أبابا" خلال الفيضان المنخفض في ملء السد، يسبب جفاف شديد لدولتي المصب.
◾️طالبت مصر بإدارة مشتركة لتشغيل وملء السد، يشارك فيها خبراء من مصر والسودان بجانب أثيوبيا، ولكن رفضت أثيوبيا ذلك المقترح.
◾️وأشار التقرير النهائى للجنة الخبراء الدوليين -تشكلت بعد لقاء الرئيس المصري برئيس الحكومة الإثيوبي- إلى أنه بالرغم من أن الدراسات الإثيوبية تشير إلى أن ملء السد فى فترات الفيضان العالية والمتوسطة، سيكون له تأثير على الكهرباء المولدة من السد العالى فقط، فقد أوضحت الدراسات أيضا أنه فى حال ملء الخزان فى فترات الجفاف، فإن منسوب السد العالى يصل إلى أقل منسوب تشغيل له لمدة أربع سنوات متتالية مما سيكون له تأثير بالغ على توفر المياه اللازمة للرى، وعدم القدرة على توليد الكهرباء لفترات طويلة.
◾️وعلى بعد 120 كيلومترًا من سد النهضة الأثيوبي، يستقر سد "الروصيرص" داخل الأراضي السودانية، وهو أكثر ما يشغل الجانب السوداني، الذي يطالب بضرورة التعاون في تشغيل السد ليمتلك المعلومات اللازمة، حتى يستطيع التحكم في تشغيل السد السوداني.

🔲 أمان السد والأضرار المترتبة عليه
◾️اللجنة الدولية التي تشكلت بعد لقاء الرئيس المصري ورئيس الحكومة الإثيوبية. أوضح تقريرها النهائي عدم توفير عدد من الدراسات الأساسية، التى لا يمكن تجاهلها، وفى مقدمتها تأتى دراسة تأثير انهيار السد، التي توضع قبل الشروع فى إنشاء أىّ سد، أوضح التقرير النهائى أن الجانب الإثيوبى لم يقم بعمل دراسات متعمقة تسمح للجنة بوضع رؤية علمية عن حجم الآثار ومدى خطورتها على دولتى المصب.
◾️وقال التقرير إنه بناء على التصميمات الهندسية المتوفرة من الجانب الأثيوبى، وخاصة فيما يتعلق بالسد الجانبى، اتضح وجود عوامل كثيرة قد تؤثر بشكل كبير على أمان السد على المدى الطويل، وهو ما يشير إلى زيادة احتمالات انهيار السد، وستكون هناك تأثيرات كارثية على السودان بداية من انهيار كل السدود على النيل الأزرق وارتفاع منسوب المياه فى الخرطوم بدرجة كبيرة، وهو ما يمثل دمارا تاما، هذا بالإضافة لما سيحدث نتيجة اضطرار مصر لتصريف المياه الزائدة خلف السد العالى للحفاظ عليه من الانهيار، وهو ما سيؤثر سلبيا على كل المنشآت المائية على النهر من أسوان وحتى الدلتا، بالإضافة لاحتمال غرق كثير من الأراضى والمنشآت القريبة من جسور نهر النيل.

🔲 أثيوبيا قدمت اقتراح بحجز 74 مليار متر مكعب من المياه على مدار سبع سنوات

🔲 في فترات الجفاف أو الجفاف الممتد وقلة الأمطار - حجز المياه على مراحل حتى لا تلحق الضرر بدولتي المصب

🔲 القاهرة رفضت الاقتراح الأثيوبي متمسكة بحصتها في مياه نهر النيل المقدرة 55.5 مليار متر مكعب من المياه بموجب اتفاقية 1959

❓ ما هو تاريخ الاتفاقات الدولية حول مياه نهر النيل؟
◾️ في عام 1929 وقعت مصر وبريطانيا نيابة عن السودان، اتفاقية تقضي بألا تقام أيَ سدود أو توليد قوي أو أي إجراءات على النهر وفروعه أو البحيرات من شأنها إنقاص مياه نهر النيل، بدون اتفاق مسبق مع الحكومة المصرية.
◾️ في عام 1959 وقعت مصر والسودان اتفاقية لتوزيع مياه نهر النيل، وتحدد حصة مصر بـ 55.5 مليار متر مكعب والسودان بـ 18.5 مليار متر مكعب، والموافقة على إنشاء مصر للسد العالي في النوبة لتوليد الكهرباء.
◾️ وفي عام 1991 وقعت مصر وأوغندا اتفاقية حول حقوق المياه على النهر، ودون فيها تأكيد على احترام تقسيم المياه وفقًا لاتفاقية 1959 مع السودان.
◾️ وفي عام 2010 وفي مدينة عنتيبي وقعت أثيوبيا وأوغندا وروندا وتنزانيا (دول المنبع) اتفاقًا جديدًا حول تقاسم المياه، وهي الاتفاقية التي اعترضت عليها دولتا مصر والسودان، لما لديهما حقوق تاريخية واتفاقيات قديمة، وهي الاتفاقيات التي رفضت دول المنبع الاعتراف بها، واعتبرتها جزءًا من الحقبة الاستعمارية.


❓كيف بدأ الخلاف بين مصر وأثيوبيا؟
🔲 اعتبرت مصر والسودان اتفاقية "عنتيبي" تعدِ على حقوقهم التاريخية في مياه نهر النيل، وأكدت تمسكهما باتفاقية عام 1929 وما طرأ عليها من تعديلات وفقًا لاتفاقية عام 1959.
🔲 كان أساس الخلاف حول اتفاقية عنتيبي هو المادة 14B من الاتفاقية، الخاصة بالأمن المائي ومدى الالتزام بالاتفاقيات السابقة.
🔲 في عام 2011 أعلنت أثيوبيا عن مشروع إنشاء سد على النيل الأزرق تحت مسمى "سد النهضة" وهو ما رفضت مصر في البداية، قبل أن تبدأ في مفاوضات مع حكومة "أديس أبابا".
🔲 في مارس عام 2015 وقعت مصر والسودان وأثيوبيا اتفاقية إعلان المبادئ حول مشروع سد النهضة، يشمل الاتفاق على عشر مبادئ ملزمة للدول الثلاثة.
◾️ أكدت مبادئ الاتفاقية على التعاون بين الأطراف الثلاثة على أساس التفاهم المشترك، المنفعة المشتركة، وحسن النوايا، المكاسب للجميع، ومبادئ القانون الدولي، والتعاون فى تفهم الاحتياجات المائية لدول المنبع والمصب بمختلف مناحيها.

◾️ وإنَّ الغرض من سد النهضة هو توليد الطاقة، المساهمة فى التنمية الاقتصادية، والترويج للتعاون عبر الحدود والتكامل الإقليمى من خلال توليد طاقة نظيفة ومستدامة يعتمد عليها.

◾️ توفر كل من مصر وإثيوبيا والسودان البيانات والمعلومات اللازمة لإجراء الدراسات المشتركة للجنة الخبراء الوطنيين، وذلك بروح حسن النية وفى التوقيت الملائم.


❓ولكن لماذا استمر الخلاف رغم تلك الاتفاقية؟
◾️ طالبت مصر في البداية أنَّ تمتد فترة ملء السد إلى عشرة سنوات مع الأخذ في الاعتبار سنوات الجفاف، بينما تتمسك إثيوبيا بأربع إلى سبع سنوات وذلك بدلاً من سنتين إلى ثلاث.
◾️في أغسطس عام 2019 تقدمت مصر بمقترح لتجنب الجفاف ألا تبدأ إثيوبيا بملء السد دون موافقة مصر، وهو ما رفضته إثيوبيا.
◾️في سبتمبر 2019 طالب الرئيس السيسي بتدخل دولي لحل أزمة سد النهضة الأثيوبي.
◾️ في فبراير 2020 بدأت مفاوضات بين مصر والسودان وأثيوبيا برعاية البيت الأبيض الأمريكي، ولكن حسب خبراء ومراقبون فشلت في التوصل لاتفاق ملزم، وقد تغيبت أثيوبيا خلال المفاوضات عن أكثر من جلسة، فيما اعتبرته مصر هروبًا وعدم جديتها في المحادثات.
◾️ في 20 يونيو أعلنت مصر التقدم بشكوى لمجلس الأمن لحل أزمة ملئ سد النهضة.
◾️ 28 يونيو أعلنت أثيوبيا عن البدء في ملئ سد النهضة خلال أسبوعين، وهو ما أعلنت مصر رفضه رفضًا قاطعًا.
◾️ في 3 يوليو 2020 عادت المفاوضات بين مصر والسودان وأثيوبيا من جديد عبر وساطة الاتحاد الأفريقي برئاسة جنوب أفريقيا.